التخطي إلى المحتوى الرئيسي




نقلا عن الف ياء/ جريدة الزمان الغراء
نشرت بتاريح 09/10 /2012 م

الشاعر العراقي أمجد محمّد سعيد يتساءل في حديثه لـ الزمان عن أسباب الحملات المبرمجة ضد قصيدة النثرجدوى الشعر توازي غالباً جدوى الحياة



حاورهُ ــ عِذاب الركابي


ــ أمجد محمّد سعيد.. صعبٌ الحديث عن صناعة وعواصف الإلهام من دون أن تمرَّ بمدن ِ أصابعهِ المضيئة.. وصعبٌ أنْ تبحثَ في كيمياء القصيدة منْ دون أن تقيمَ كرنفالاً لفاكهةِ أصابعهِ وهيَ تثمرُ أحلاماً وأوطاناً وعوالمَ فضاؤها الحرية ُ والدفءُ والعناق.. والأصعبُ من هذا كلّه أن تؤلّف ببليوغرافيا للشعر العراقي من دون أن يكونَ الشاعر الكبير أمجد محمّد سعيد في مقدمةِ الشعراء العشّاق لوطن ٍ يسكنهمُ.. يسرقُ نومَهم ولكنّهم بالحبّ والكلمات والإلهام يجددون أحلامهم المخملية التي لولاها لشاخوا.. وانتهوا منذ ُ زمنٍ بعيدهوَ الشاعرُ والإعلاميّ والدبلوماسي والعاشق ،سؤال الشعر لديه هوَ سؤال الحياة وبجرأةٍ وشفافيةٍ عاليةٍ يُعلنُ بكلّ أنغام حنجرته أنّ الشعرَ حياة وأنّ الحياة شعر ويصعب أن يفصلَ بينهما برزخٌ مغرضٌ
أمجد محمّد سعيد مُدمنُ شعر وكتابة أخذا منهُ كلّ زهراتِ العمر من دون أن تفقدَ عطرها ولونها فسفور حروفه الجميلة لأنّهما منحاهُ الوجود بخطواتٍ ربيعية رتّبت الكلماتُ لها إيقاعها الإنساني .. وحضور من ضوء وموسيقا وإيحاءات صاخبة.. أخذا منهُ أيامه الممغنطة بعبق الطفولة ولكنهما منحاهُ الفرح والدهشةَ والفخار والكبرياءيكتبُ وهوَ يتكيءُ على ذكريات وطنٍ يسكنُ فيه وبينَ حلمهِ الفتي الأول مدينة الموصل وأحلامه المتزاحمة الممتدة من بغداد إلى القاهرة وإلى اللامكان يظلُ دليله ومنقذه وشاهدهُ الحي القصيدة وحدها يفوّضُ أمرَهُ إليها وهوَ يربضُ في إيقاع كلمةٍ يتركُ لها حُريةَ المبادرة مقتدياً بوصايا العبقريّ مالارميه وينتقلُ بنزيفهِ الضروريّ من القصيدةِ العمودية إلى التفعيلةِ إلى قصيدة النثر لاغياً كلّ الحدود بين الإبداع مبتهجاً بعطر قريحتهِ وحرارة أصابعهِ وتظاهرات قوافي قصيدته التي لاسلطانَ لهُ عليها وحدها تختارُ إيقاعها وشكلها وهو الفخور بها حينَ تنتمي.. وتقلِقُ.. وحينَ تشعلُ الحرائق في مكانٍ ما من العالم..لمْ أتحدّثُ عنهُ كشاعرٍ كبيرٍ.. ومبدعٍ راقٍ فحسب بلْ كصديق أردتُ أن أحاورهُ فوجدتُ نفسي أقرّب رئتيّ منه ُ أتنفسُ هواء العراق وأشمُ رائحة الأزقة الموصلية التي لم تغب طوال هذهِ السنين عن حواسي وأفتحُ كلّ دفاترِ الذكرى.. منذ أربعين عاماً لم أرهُ..ياالله وهاهوَ بكلّ حماس القصائد ونار العناق يتدخلُ في نبض القلب ونمشي معاً بحراسة الكلمات ثروتنا الوحيدة ظامئين إلى المزيد من المسافات والمدن والأشجار والعصافير.. والأصدقاءالقراءات الكثيرةتتعدّدُ فنونُ الكتابةِ والإبداع.. فلماذا الشعر دون غيره؟ وماجدواه ؟في بداية مشوار الكتابة في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي دخلت إلى عوالم الصحافة الادبية والفنية والشعر والقصة والمقالة والمتابعة النقدية والمسرح والتمثيلية التلفزيزيونية فيما بعد وغيرها قراءة وممارسة ولكنني أدركت منذ البدء إنني منحاز ذوقياً وجمالياً إلى فضاء القصيدة شعرت أنّها أقرب إلى روحي وإلى قدراتي الأولى في حفظ الشعر وإلقائه بلغةٍ فصيحةٍ منحتها قراءة القرآن الصيفية عند الشيخ محمد المدني في شارع الفاروق بالموصل استعدادا لامتلاك ناصية النحو العربي وصرفه حتى بعيد عن شروط القواعد وكذلك تذوق المعاني المرسلة عبر الاختزال البلاغي العجيب لكتاب الله العزيز وأضافت القراءات الكثيرة للأدب العربي وللشعر العربي خاصة في مختلف عصوره ثروة أخرى ساندت ذلك الانحياز الأولي إلى الشعر شعرت أنّني أقدر على إيصال مضاميني عبر القصيدة من الفنون الأخرى وبعد التحاقي بالجامعة كان الجوُّ العامُ الملاصقُ لي جوَّ شعرٍ وكان الدكتور عناد غزوان حينذاك يدافع عن القصيدة الحديثة في محاضراته التي يلقيها علينا في الجامعة والتي أثّرت فيَّ تأثيراً كبيراً وكانت المهرجانات التي يحضرها الشعراء البارزون من العراق والوطن العربي وغير ذلك من العوامل التي منها ربما شعوري بالقصور في فنّ القص أو الحكي الاستطرادي المُبرمج المهندس وفق الأزمنة والأحداث والأمكنة وما زلت حتى الآن أحس هذا النقص حتى في حوارات الحياة العادية كان الشعر وسيلتي للتواصل مع العالم المثقف ومع الفنون والآداب الأخرى مختزلاً الكثير من التفاصيل وعابراً المنطق الأرسطي في إيصال تجربتي.أمّا جدوى الشعر فيوشك أن يتوازى مع سؤال جدوى الحياة ذاتها وكم اختلفت الآراء والمدارس النقدية والشعراء حول هذه القضية الشعر هو وسيلة راقية من وسائل الإنسان للتعبير عن ذاته وتجربته وحيرته أمام غموض العالم والحياة والموت والإنسان حين تكتب الشعر تحسّ أن لديك قدرةَ وإمكانية َ المشاركة في صياغة العالم والتعبير عنك وعنه وعن الآخرين ربما ومحاولة إضافة ما تراه من منح الوجود جمالاً وموقفاً وانحيازاً.ــ الكتابةُ أخذتْ منّي كلّ العمر.الكتابة ُ مغامرة كبرى.. والشعرُ رحلة ٌ ومغامرة في الآن.. رحلة ُ في اللامكان ومغامرة في اللازمان ومن ديوانك الأول نافذة على البرق 1967 ومروراً بــ أرافق زهرة الأعماق 1979 و الحصن الشرقي 1987و أربعون نهارا 1993 و مرايا العزلة 2003 أكثر من ستة عشر ديواناً شعرياً وحتى الوصول إلى زهرة الماء 2010 قلْ لي أيّ مغامرة هذهِ؟ وأيّ رحلة؟ ماذا أخذت منك؟ وماذا أعطتك؟هي مغامرة الكلمة التي تشكلَ منها العالم في نسيج الزمان والمكان في تجربة الانسان هذا الكائن الناطق الذي عبّر بالكلمة من مرحلة تكوينية إلى مرحلة أخرى حين اكتشف أنه بالكلمة أصبح يؤثر في الطبيعة أكثر وصار بها أكثر استعدادا للتعبير عن مكنونات نفسة ومخاطبة الآخر وتسجيل تجاربه وأفراحه وأحزانه بالكلمة صار يعرف كيف يقول لحبيبته إنه يحبّها وبدلاً من صراخه المفجوع صار يعبّر عن حزنه بكلمات كلكامش الدامية على جسد إنكيدو المسجّى وصار بالكلمة يعرف كيف يصوغ قوانين العدل والحرية والحق والجمال هي مغامرة ورحلة مجيدة قام بها أجدادنا لكي يعطوا للحواس وظائف جديدة غير التي كانت عليها سابقاً.على المستوى الشخصي أخذت الكتابة مني كل العمر وصاغت الحياة وفق تشعباتها منذ ما يقرب الخمسين عاماً ظلت الكتابة هاجسا يوميا يحتلني ولم يتقدم عليها شيء أبداً حتى الآن ولكنها أعطتني الإحساس بموقعي المفترض في الحياة ودوري الجمالي في إقامة علاقة مع الإبداع أعطتني الفرح والدهشة وأحيانا الفخار والكبرياء أمام العادي أشعر أنّ الشعرَ أعطاني مساحة في ذاكرة الناس وحبّهم واحترامهم.ــ علاقتي بالمكان علاقة وثيقة.في شعرك علاقة قوية في المكان حيث تصبح النوستولوجيا رؤية تتسعُ بكلّ مافيها من جراح وآلام على امتداد تضاريس خارطة همّك الشعري والإبداعي.. أيّ مكان مخمليّ في القلب هذا وهو يربكُ ضرباته ؟ ما الدور الذي لعبتهُ الأمكنة في شعرك وأنت تنتقل بجراب جراحك من الموصل وبغداد وإلى القاهرة وإلى ماشاء الله من الأمكنة حيث الدمع يصبحُ حجرياً ؟نعم هذا صحيح جداً علاقتي بالمكان علاقة وثيقة المكان ليس حالة مجردة إنه مؤثث بالتفاصيل الطبيعية المدهشة والخصوصيات الإنسانية وغير الإنسانية المتفردة التي تعطيه مداره الذاتي وأفقه المغاير والمكان المختلف بشر وناس آخرون وعلاقات أخرى وإرث آخر في زمان متجدد لا يتكرر، وتجارب جديدة تولد من رحم اللحظة الآنية وتتقدم إلى الوقت القادم.وطالما شكل المكان عندي مفاتيح لقصيدة جديدة وباباً ألج فيه إلى تجربة جديدة. وأزعم أنني استطعت أن التقط المشهد المختلف في الأمكنة المختلفة وأن أتعامل مع الموضوع بلغةٍ تنتسب إلى ذات المكان وتتشظى إلى ما وراءها حتى مع المكان المألوف هناك الكثير من المشاهد التي لم تكن تمعنت بها وهي قريبة منك وفي متناول يديك مرة قمنا القاص نجمان ياسين وأنا بإعادة اكتشاف الموصل فإذا بنا وقد عبرنا الأربعينات من أعمارنا نجد أننا لا نعرف من مدينتنا إلاّ القليل ولذلك تجدني دائما اكتشف في الموصل نوافذ جديدة وشرفاتٍ أخرى.ــ المسرح عمل جماعي مركب من فنون عديدة.كتبتَ أيضاً المسرح الشعريّ؟ لماذا لم تكرر هذه التجربة؟ وكيف تفسّر ندرة هذا النوع من الكتابة؟ هل للمسرح الهابط دور في هذا العزوف أم هو القلق الثقافي الفكري الذي نعيشه؟ وماذا تقترح لمسرح جاد موقظ ومحرض سيما ونحنُ نعيش عصر الثورات الشبابية التي مطلبها رغيف الكرامة والعدل والحرية ؟نعم في السبعينات كتبت مسرحيتين شعريتين، الأولى بعنوان دم فوق لامونيدا ولامونيدا هو قصر الرئاسة التشيلي الذي قتل فية سلفادور اليندي رئيس حكومة الوحدة الشعبية والمسرحية تتناول رحيل الشاعر التشيلي الكبير بابلوا نيرودا بعد سقوط اليندي والثانية مسرحية شعرية أيضاً عن رحيل الشاعر العربي الكبير خليل حاوي منتحراً بعنوانبانوراما الشاعر والموت قدّمت الأولى في مهرجان المسرح المدرسي ونالت الجائزة الثانية وطبعت المسرحيتان في كتاب واحد صدر عن جامعة الموصل وأنا لا أزعم أنني كاتب مسرحي ولكن كانت تجربة المسرحيتين أنهما شعريتان تناولتا رحيل شاعرين معاصرين في ظروف قمعية وحزينة.المسرح عموما عمل جماعي مركب من فنون عديدة ويحتاج إلى جهود الكثير من المبدعين في مجالات مختلفة وهذا ما يجعل الاقتراب منه محفوفاً بالمخاطر والإحباطات وحين مضى الزمان لم أتذكر أنني حاولت تكرار تجربة الكتابة المسرحية عموما ربما امتلك أكثر نفساً شعرياً ملحمياً وليس درامياً في مقابلة تلفزيونية أخيرة مع المخرج والممثل المسرحي العراقي الكبير سامي عبد الحميد قال لابأس من الأعمال الشعبية الممتعة التي تقدم للجمهور ولكن حقيقة المسرح هو الأشكال الدرامية التي لها قوانين المسرح الأصلية وأصوله وهذا له جمهوره الخاص ولا أشكال إن قدم النوعان على الخشبة وقد يستطيع النوعان أن يتمثلا قضايا الحرية والعدل والكرامة وغيرها من القيم الانسانية.لا حدود للشعر.. ولا حدود لأشكالهيقول إليوت الشعرُ ليسَ تعبيراً عن المشاعر بلْ تخلص منها ..وقد سقطت عديد تعريفات الشعر ونحنُ نعيش عصراً غير موزون ولا مقفى كيف تضع تعريفاً موجزاً لهُ وأنت أحد فرسانهِ الكبار ؟إذا اختلف كبار الأدباء والنقاد والشعراء في العالم على تحديد تعريف بالشعر فكيف أستطيع أنا إعطاءك ما تريد؟ ولكنني ببساطة شديدة وبحرفية أقول إنه فنّ من فنون القول له شروطه الخاصة التي تميزه عن بقية تلك الفنون سواء أكان عموديا أمْ شعر تفعيلة أمْ قصيدة نثر ولكل من هذه الأنواع شروط خاصة ولكن لابد من شرط حقيقي للشعر يعبر مواصفات الفنون الأخرى وخاصة النثر وهنا تختلف المفاهيم والتعريفات، لاحدود للشعر ولا حدود لأشكاله وتعاريفه ولكل قصيدة شكلها وإطارها وأبعادها ولكن الدرس الأكاديمي النقدي يطلب شيئا والرأي الحرّ له درس مختلف ويبقى الشعر أنت تعرفه من أول كلمة تسمعها من القصيدة أو النص.قصيدة النثر ليسَت سهلةَالكتابة كما يعتقد البعضوقصيدة النثر كيف تراها؟أهي ولدت قبل التسمية عند الصوفيين فعلاً؟أليس هي قصيدة العصر؟ لماذا تشنّ عليها حملات مبرمجة من حين إلى آخر؟ أهي مزعجة لهذا الحد؟ تزعج مَنْ؟ وتضايق مَنْ؟ أليس كل مايحدّ الإبداع فهو رجعي كما يُعبّر عبقريّ الرواية ماركيز؟ ماذا ترى ؟أنا لستُ متعصباً لنوع من أنواع الكتابة الشعرية وإن كنت قد اخترت قصيدة التفعيلة لمعظم ما كتبت أحيانا أكتب قصيدة عمودية وأحيانا أكتب قصيدة نثر وكتبت أيضا قصائد فيها الأشكال الثلاثة سوية في قصيدة واحدة كان ذلك في حالات تفرض نفسها عليّ وأنا أعتقد أن قصيدة النثر ليست سهلة الكتابة كما يعتقد البعض إذ ينبغي عليها أن تكون شاملة لكل مواصفات القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة بمعنى أنه إذا كانت القصيدة العمودية تكسب قارئها وسامعها بفضل الوزن والقافية وعمود الشعر العربي القديم وإذا كانت قصيدة التفعيلة تكسب القارئ والمستمع بفضل تلك الجهود الفنية الجديدة فعلى قصيدة النثر أن تعوض كل ذلك وتختزله في أعماقها وأن تقنع القارئ عبر الكلمات والكلمات فقط بأنها شعر، والمشكلة هنا أن النقاد الداعمين لقصيدة النثر لم يستطيعوا حتى الآن أن يشكلوا النظرية النقدية لقصيدة النثر هناك محاولات كثيرة ولكنها مضببة ومشتتة. أما العصر يا صديقي فأنه يحتمل كل الفنون وكل الآداب ولماذا نسمي كتابات الصوفية قصيدة نثر هل هو عيب أن تكون لغة الصوفية نسيج وحدها كنوع خاص من الكتابة النثرية أما الهجوم على قصيدة النثر فأنا لا أجد مبرراً له مثلما لا أجد مبرراً لكتاّب النثر من التهجم على كتاّب العمود أو قصيدة التفعيلة وهذه ليست توفيقية من عندي ولكن لكل أسلوب فرسانه وكتابه ودع ألف زهرة تتفتح حينما أكتب قصيدة هي التي تحدد شكلها فإذا جاءت بتفعيلة فبها وإذا جاءت نثرية أهلا بها ولكنني أصدقك القول أنني لم أحاول صياغة قصيدة نثر وإعادتها إلى التفعيلة ذلك يدمر القصيدة وينهيها. وأعتقد أن ليس من حقّ أحد الحد من حرية الإبداع وفي كل مجالاته.نحنُ بحاجة إلى هوية ثقافيةتحملُ صفةَ المواطنةتتعدّدُ اللقاءات الثقافية والندوات الفكرية في مختلف العواصم العربية متخذة موضوعها سؤال الهوية الثقافية .. قل لي كيف يُمكن تحقيق هوية ثقافية منافسة وسط هذا التشرذم.. والشوفينية.. والتبعية.. والاحتلال.. وغياب مدن بكاملها عن الخارطة؟ ماذا تقترح لهوية ثقافية منافسة ؟اللقاءات الثقافية والندوات الفكرية مهمة جداً في طرح الأسئلة الكثيرة التي تتشظى وتنشطر باستمرار إلى أسئلة أخرى. أنا أعتقد أننا يجب أن نسعى إلى تشكيل هوية ثقافية تحمل صفة المواطنة بغيرها لن يستطيع أحد تحقيق هويته الثقافية إننا نخسر يومياً على صعيد الثقافة في الوطن العربي بعد هذا الذي حدث والذي يحدث يومياً وما هو مرشح للحدوث لن نستطيع الشروع حتى الشروع في تحقيق هويتنا الثقافية إذا لم ندع الصفات كلها ونتمسك بعنوان المواطنة التي ستعني الإنسانية والثقافة والمحبة والعدل والحرية والكرامة وكل الصفات الجميلة.باختصار شديد ماذا تعني لك هذه المدن الموصل بغداد القاهرة الخرطوم بيروت لندن باريس مدريد ؟الموصل مدينة الميلاد وآخر الأحلام وذكرى الأيام القادمة.بغداد بدء الطرق كلها الإعلام الجامعة الشعر الصحافة السفر الدبلوماسية الحب ونهاية الطرق كلها.القاهرة المركز العربي الأكثر جدارة للثقافة والفن والمدينة الوحيدة التي لا تنام.الخرطوم بركاتها ما تزال في فمي كطعم العسل والمانجا.بيروت كان ينبغي ألا نفقدها كعاصمة العرب الأكثر حرية وتفتح.لندن مدينة التقاليد العريقة وعاصمة الاستعمار وأحبّها.باريس مدينة كلّ ما هو جديد وعاصمة الثقافة.مدريد منها ننحدر إلى غرناطة وإشبيلية ومرسية وقرطاجنه لنلاقي ابن عربي وحازم القرطاجني.ــ نجيب محفوظ أعطى الرواية العربية اعترافاً دولياً .نجيب محفوظ الجواهري محمد الماغوط عبد المعطي حجازي الطاهر وطار السياب إبراهيم الكوني وأدونيس.. إذا أردت أن تضع تعريفاً مختصراً لكل مبدع من هؤلاء المبدعين الكبار.. ماذا تقول؟نجيب محفوظ أعطى الرواية العربية تعريفاً عربياً واعترافا دوليا.الجواهري شاعر خلاق في اللغة الشعرية وآخر العمالقة العموديين.محمد الماغوط شاعر قصيدة النثر الأول في اللغة العربية.عبد المعطي حجازي شاعر يهندس القصيدة ويعرف كيف يبدأ وكيف ينتهي.الطاهر وطار لا أ قرا له كثيراً.السياب نتاجه العظيم لن يندثر أبدا.إبراهيم الكوني كاتب عجيب بلغته ورؤاه وأفكاره.أدونيس شاعر عربي كبير يستحق نوبل.ــ لدينا نقّاد جادون.كتبتَ المقالة والنقد.. كيف ترى النقد؟ لماذا هو متّهم بعدم مواكبة هذا التفجّر الإبداعي العربي؟ هلْ لدينا حركة نقدية جادة؟ مَنْ مِنَ النقاد مَنْ تثيرك وتستفزك حركة أصابعه الريحانية عراقياً وعربياً وعالمياً؟وأنت كمبدع ٍ هل أنصفك النقد؟؟كتبتُ انطباعات نقدية لا تستند إلى نظريات محددة اعتمدت ذائقتي الخاصة لن يستطيع النقد بكلّ تأكيد مواكبة ما ينشر من شعر ورواية وقصة وغيرها وأغلبه نظري ونحتاج النقد التطبيقي ولا أعتقد أن لدينا حركة نقدية جادة إنما لدينا نقاد جادون جدا على قلتهم ولدينا دارسون أكاديميون ولا تسعفني الذاكرة لتحديدهم تحديداً موضوعياً أما أنا فقد كتب عني وعن أعمالي الكثير من المقالات وأنا راض بذلك وسأدع الأحاديث الجارحة عن النقد وأحواله.ــ في منح الجوائز انحيازات واضحة.حصلتَ على عديد الجوائز الأدبية الإبداعية كيف ترى الجائزة.. أهي فخ مخمليّ أمْ مسؤولية أكبر؟ أمْ أنها مزيد من الاحتراق والصبر على مايندلقُ من نهر القريحة ويبعث في الأصابع كلّ هذا الجنون ؟الجائزة شيء جميل ومفيد على مستويات عديدة إذا أتت من مؤسسة مرموقة معترف بها وبحكامها وهي طبعا مسؤولية لمن يواضب وهي قناعة لمن يكتفي بما كتب والجائزة نظام متعارف عليه دولياً وهي أيضا حافز للكتابة والإبداع ولا أرى فيها ما هو سلبي سوى ما يعيب البعض منها من انحيازات واضحة وإذا لابد من وضع شروط محددة واختيار لجان التحكيم من فضاءات مختلفة ونرى الآن العديد من الجوائز المرموقة في الوطن العربي.ــ الترجمة عمل مجهد يحتاج على أساتذة كبار.يقولون الترجمة خيانة للنص .. ما رأيك؟ وكيف رأيت ترجمة قصائدك إلى اللغات العالمية؟ ماذا تضيف الترجمة إلى النص؟ وماذاتأخذ؟ لماذا يندر المترجمون الجادون ويخاف البعض الدخول في هذه المغامرة؟لأنني لا أملك لغة ثانية بمعناها الحقيقي فأنا في الواقع لم أقارن بين نص أصلي ومترجم والذي ترجم من قصائدي كان عن طريق بعض الكتب التي أصدرتها دار المامون العراقية إلى الفرنسية والإنجليزية وكذلك مجلة كلكا مش إضافة إلى الأسبانية حين شاركت بمهرجان البحر الأبيض المتوسط للشعر في مدينة مرسية في أسبانيا وغيرها في مناسبات أخرى ولكن لم يكن ذلك بكتب خاصة أو مختارات خاصة بي إنما نأمل أن يتم ذلك عبر مؤسسات الترجمة الرصينة التي بدأ الاهتمام بها مؤخراً في العالم العربي وأنا أعتقد إن النصّ يختلف حتما بين الأصل والمترجم إذ لابد أن يضع المترجم الكثير من لغته وفهمه وثقافته وسنفقد بعض وهج الكاتب الأصلي ولكن من حيلة إلاّ زيادة حرص المترجم ودقته وسعة إطلاعه على اللغتين المترجم منها وإليها والترجمة عمل مجهد لابد أن يتوفر له الأساتذة الكبار الذين يعرفون قدر هذه المسؤوليةفجّرت فيك بغداد جميل القصائد وأحيت وجددت فيك القاهرة وإيقاعات النيل العاشق هاجسك الشعري.. قلْ لي ماذا بعد ديوانك الأخير الوصول إلى زهرة الماء 2010 ماذا ينتظر القاريء؟ وماذا سنقرأ لك في الأيام القادمة ؟في الحقيقة تزامن صدور مجموعة المختارات الشعرية الصادرة عن هيئة قصور الثقافة بعنوان الوصول الى زهرة الماء وديوان عين الشمس الصادر عن دار الحضارة في القاهرة وسيصدر لي بعد أسابيع قليلة ديوان بعنوان قصائد مصر وهي القصائد التي كتبتها عن أحداث وشخصيات وذكريات مصرية أو ورد فيها ما يتعلق بمصر إضافة إلى موضوعات أخرى وأنجزت مجموعة شعرية صغيرة تتضمن قصائدي التي كتبتها عن الثورة المصرية وأنا أشارك حاليا في مسابقة الطيب صالح برواية عن شخصية سودانية عرفتها ورحلت عن عالمنا بعنوان أمشاج على أمشاج وأواصل بعض الكتابات في الصحافة والمواقع الإلكترونية.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشاهدات رحالة.. كلّهم أفضل من طكيعان

مشاهدات رحالة.. كلّهم أفضل من طكيعان المصدر جريدة الزمان –  DECEMBER 28, 2012 مشاهدات رحالة.. كلّهم أفضل من طكيعان   كوالالمبور.. آيقونة الجمال والتسامح   محمود سعيد تزوجت الأرملة الغنيّة طكـيعان بعد بضع سنوات من وفاة زوجها، لتديّنه وتقواه إذ كان طكـيعان يلازم المسجد وقراءة القرآن ويجلس على بعد أمتار من ضريح مقدس ليبيع ما تيسر من قضايا بسيطة تدرّ عليه قوته، وحين يغادر يسير في الشّوارع ملويّ الرّقبة كي لا تنظر عيناه شططاً إلى ما لا يرضي الله، لكنّه انقلب بعد الزّواج إلى نمر مفترس، وعامل زوجته وأولادها شرّ المعاملة، ولم يرضِ غير نفسه، وكان الطّفل عندما يرى زملاءه يرتدون الجديد الجميل من الملابس يطالب أمه، لكنّها لم يكن في يدها حيلة، وعندئذ يسألها لماذا والدّ فلان يوفّر له ما يحتاج، تقول له  إنّه أفضل من طكـيعان، وعندما تجوع ابنتها، وتريد أن تأكل ولا تجد شيئاً وتسألها عن ثروتها تقول لها إنّها عند ط ـيعان وهو لا يعطيها شيئاً، وعندما تقول لها ما بال أبي صديقتها يشتري كلّ شيء لها، تجيبها إنّه أفضل من طكـيعان، حتى ثار الأطفال عليها وسألوها لماذا ت...
الاستاذ الدكتور هاشم يحيى الملاح عضو المجمع العلمي العراقي والاستاذ المتمرس قي كلية الاداب بجامعة الموصل ، علم شامخ في علمه وتجربته الثرة وعطائه الذي لا ينضب ، صدر له حديثا كتاب بعنوان : قضايا وهموم جامعية ومجتمعية عامة وهو مجموعة دراسا ت في التعليم العالي وتحديات المستقبل . تهنئة كبيرة للصديق والاخ الاستاذ الدكتور الملاح في تقديمه لعصارة فكره وتجربته في حقبة لا نحتاج فيها الى شيء حاجتها الى من يشخص ادواءها ويضع امامها رؤيته لحلولها